مركز مستقبل المحاسبة

 نظرة على ضريبة القيمة المضافة في السعودية ودول الخليج

ضريبة القيمة المضافة وأهميتها للمحاسبين

 ضريبة القيمة المضافة وأهميتها للمحاسبين في الخليج

تُعرّف ضريبة القيمة المضافة بأنها ضريبة غير مباشرة تُفرض على معظم توريدات واسترادات السلع والخدمات في كل مرحلة من مراحل سلسلة التوريد، ويتحمل عبئها النهائي المستهلك. وتعتبر هذه الضريبة أداة حيوية للحكومات لتنويع مصادر إيراداتها وتمويل الخدمات العامة الأساسية، وهو توجه استراتيجي في دول مجلس التعاون الخليجي لتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية وضمان استدامة مالية أطول أمداً.

إن فهم ضريبة القيمة المضافة وتطبيقها بدقة يقع على عاتق المحاسبين وأصحاب الأعمال، حيث يمثل الامتثال الضريبي ركيزة أساسية للحفاظ على سلامة المركز المالي للمنشأة وتعزيز قدرتها التنافسية. كما أن آلية عمل ضريبة القيمة المضافة، التي تعتمد على قيام الأعمال المسجلة بتحصيلها وتوريدها للحكومة مع استرداد ضريبة المدخلات، تساهم في تعزيز الشفافية والحد من التهرب الضريبي مقارنة بأنظمة ضرائب المبيعات التقليدية، مما يشجع على حفظ سجلات مالية دقيقة ومنظمة.

نظام ضريبة القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية: الأساس للمقارنة

تُطبق المملكة العربية السعودية ضريبة القيمة المضافة بنسبة أساسية تبلغ 15% على معظم السلع والخدمات الخاضعة للضريبة.  وقد شهدت هذه النسبة تطوراً، حيث بدأت بنسبة 5% عند تطبيق الضريبة لأول مرة في 1 يناير 2018، ثم تم رفعها إلى 15% اعتباراً من 1 يوليو 2020، وهو ما يعكس استجابة لمتطلبات اقتصادية معينة في تلك الفترة وأثّر على هيكل التكاليف وقرارات الأعمال.

وفيما يتعلق بحدود التسجيل، فإن التسجيل إلزامي في المملكة للمنشآت التي تتجاوز قيمة توريداتها السنوية الخاضعة للضريبة مبلغ 375,000 ريال سعودي.

 كما يُتاح التسجيل الاختياري للمنشآت التي تتراوح قيمة توريداتها السنوية أو مصاريفها بين 187,500 ريال سعودي و 375,000 ريال سعودي، مما يمنح المنشآت الصغيرة والناشئة فرصة لاسترداد ضريبة المدخلات إذا كان ذلك في مصلحتها دون إثقال كاهلها بالالتزامات إذا كانت إيراداتها منخفضة.

مقارنة ضريبة القيمة المضافة مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى

تتباين تطبيقات ضريبة القيمة المضافة بين دول مجلس التعاون الخليجي رغم وجود اتفاقية موحدة إطارية، مما يعكس أولويات اقتصادية وسياسية خاصة بكل دولة.

الإمارات العربية المتحدة: تشابهات واختلافات رئيسية

تطبق دولة الإمارات العربية المتحدة ضريبة القيمة المضافة بنسبة أساسية تبلغ 5% منذ 1 يناير 2018. ويبلغ حد التسجيل الإلزامي لديها 375,000 درهم إماراتي، بينما يبلغ حد التسجيل الاختياري 187,500 درهم إماراتي، وهي حدود تتشابه من حيث القيمة الاسمية مع السعودية ولكن بنسبة ضريبية أقل بكثير

مملكة البحرين: تطورات النسبة الضريبية والفروقات الجوهرية

بدأت مملكة البحرين تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في 1 يناير 2019، ثم قامت برفع هذه النسبة إلى 10% اعتباراً من 1 يناير 2022. ويبلغ حد التسجيل الإلزامي في البحرين 37,500 دينار بحريني، وحد التسجيل الاختياري 18,750 دينار بحريني.

سلطنة عُمان: نظام ضريبي حديث وفروقاته عن السعودية

طبقت سلطنة عُمان ضريبة القيمة المضافة بنسبة أساسية تبلغ 5% اعتباراً من 16 أبريل 2021. ويصل حد التسجيل الإلزامي في السلطنة إلى 38,500 ريال عماني، والحد الاختياري إلى 19,250 ريال عماني، مما يجعلها من الدول ذات النسبة المنخفضة مع كونها من أواخر الدول المطبقة للضريبة في المجلس.

دولة الكويت ودولة قطر: الوضع الحالي لضريبة القيمة المضافة

على الرغم من توقيعهما على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة، لم تقم كل من دولة الكويت ودولة قطر بتطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة بشكل كامل حتى الآن. وتشير المعلومات إلى أن الموضوع لا يزال قيد التشريع في قطر، بينما تستبعد الخطط الحالية في الكويت تطبيقها قبل عام 2028، وهذا التأخير يخلق تبايناً في المشهد الضريبي الإقليمي وقد يؤثر على التنافسية وتكاليف الأعمال مؤقتاً.

أبرز الفروقات الجوهرية بين السعودية وبقية دول الخليج (وش الفارق؟)

تتجاوز الفروقات مجرد النسب المطبقة لتشمل معالجات قطاعية وحدود تسجيل مختلفة، مما يستدعي انتباهاً خاصاً من المحاسبين.

اختلاف نسب الضريبة المطبقة وتأثيرها

يُعد التباين في النسب الضريبية (السعودية 15%، الإمارات 5%، البحرين 10%، عُمان 5%) هو الفارق الأبرز والأكثر تأثيراً مباشراً على تكاليف المعيشة والأعمال. هذا الاختلاف يؤثر على التدفقات النقدية للشركات، استراتيجيات التسعير، والقدرة التنافسية الإقليمية.

معالجة القطاعات الحيوية: العقارات، الصحة، والتعليم

تختلف المعالجة الضريبية لقطاعات حيوية كالعقارات، الصحة، والتعليم بشكل كبير بين الدول. ففي السعودية، يخضع بيع العقارات السكنية لضريبة التصرفات العقارية بنسبة 5% بدلاً من ضريبة القيمة المضافة، بينما يُعفى إيجارها السكني من ضريبة القيمة المضافة. أما التعليم الأهلي فيخضع لنسبة 15%، وتخضع الأدوية والمعدات الطبية المؤهلة لنسبة الصفر.

في الإمارات، يخضع التوريد الأول للعقارات السكنية خلال ثلاث سنوات من بنائها لنسبة الصفر، وقد تُعفى بعد ذلك، بينما تخضع الخدمات التعليمية والصحية المؤهلة لنسبة الصفر. وفي البحرين، يُعفى بيع وتأجير العقارات (السكنية والتجارية)، ويخضع بناء المباني الجديدة لنسبة الصفر، وكذلك الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية. أما في عُمان، فتُعفى إعادة بيع العقارات السكنية وتأجيرها، وكذلك الأراضي الفضاء، بينما تُعفى خدمات الرعاية الصحية والتعليم (بدلاً من الخضوع لنسبة الصفر كما في دول أخرى)، وهذا يعني عدم إمكانية استرداد ضريبة المدخلات لمقدمي هذه الخدمات في عُمان، مما قد يؤثر على تكلفتها النهائية.

حدود التسجيل الضريبي وتأثيرها على الشركات الصغيرة والمتوسطة

تتشابه حدود التسجيل الإلزامية والاختيارية في السعودية والإمارات من حيث القيمة الاسمية (مع اختلاف العملة)، مما يعني أن شريحة مماثلة من الأعمال تخضع للتسجيل. بينما تمتلك البحرين وعُمان حدود تسجيل أقل نسبياً، مما قد يشمل شريحة أوسع من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في نطاق الالتزام الضريبي.

 أهمية الإلمام بالفروقات الضريبية للمحاسب الناجح

إن الأنظمة الضريبية في دول مجلس التعاون الخليجي ليست ثابتة، بل تشهد تطورات وتعديلات مستمرة سواء في النسب أو اللوائح التنفيذية. لذا، فإن مواكبة هذه التغييرات تُعد ضرورة حتمية للمحاسب الذي يسعى للتميز وتقديم قيمة مضافة لعملائه أو للمنشأة التي يعمل بها، فالتعليم المستمر والاطلاع على الدورات المتخصصة يصبح استثماراً لا غنى عنه.

إن الفهم العميق لهذه الفروقات الضريبية بين السعودية وبقية دول الخليج يمكّن المحاسب من تجاوز دور الامتثال التقليدي ليصبح مستشاراً استراتيجياً.

 فهو يستطيع تقديم رؤى حول التخطيط الضريبي الإقليمي، وتحسين الهياكل الضريبية للشركات العاملة عبر الحدود، والمساعدة في اتخاذ قرارات مستنيرة تتعلق بالتسعير وهيكلة التكاليف واختيار مواقع العمليات، مما يعزز من كفاءة العمليات ويقلل من المخاطر الضريبية المحتملة.

 

 

https://fatc.sa/

تابعنا على فيسبوك

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *